Sunday, November 11, 2007

سأقول لكم سرى



ســـأقـــول لـــكـــم ســـرى

(1)


قالت لى مترددة وحذرة: إساف. ربما كان مبعث ترددها وحذرها هو خوفها من سخريتى

المتوقعة أو دهشتى أو تكذيبى لها. وبالمناسبة لم يكن هناك ما يجعل تلك السخرية أو الدهشة

شيئًا مُستغربًا. سألتها عن حب سابق فقالت: إساف. مطرب شاب لم أتابعه أبدًا وإن كنت

أسمع به. وهل تعرفينه أو قابلتيه. لا. ثم قالت: ألم أقل لك إنك لن تصدق. عرفت منها بعد

دقائق أنها تحبه –كانت تحبه- من خلال فرجتها عليه فى الكليبات ومتابعة أخباره فى

المجلات والفضائيات. تحبه بالفعل. قالت لى: لعلك الآن تعتبرنى ساذجة وعبيطة. رجحت

أنا ضغطها المتواصل على هذه النغمة فى الحوار إلى شيئين: الأول، أنه نوع من الدفاع

الواعى عن موقفها أو حتى غير الواعى. والثانى، أنها تعتقد فى أننى مميز لأننى كاتب!!

وعليه فلابد أن تعاملنى بحذر وبخوف كما ينبغى لفتاة تتعامل مع كاتب!!. وبمجرد أن

تأكدت منها بالفعل أنها كانت تحبه وتعتذر لى عن هذا فوجئت هى بضحكة عالية مجلجلة

تخترق سماعة التيلفون. شعرت بالغضب يتسلل منها إلىّ فقلت فورًا: وماله؟ نعم. أقول لك:

وماله؟ ماذا تقصد؟ أقصد وماله أما تحبى إساف. ألهذا تضحك؟ لا. إذن فما يضحكك؟ قلت

وأنا لا أستطيع كتمان الضحك: أصل أنا ميت فى شادية.

(2)


لم تكن تصدق، تمامًا كما لا يصدق أحد. يبدو أننى كنت أتوقع هذا ولذا لم أخبر أحدًا من

أصدقائى.. حتى أصدقائى المقربين لم أخبرهم. ماذا أقول لهم.. شادية. لن أقول هذا أمام

شريف مصطفى. ربما تسعفنى الظروف قريبًا لأضع صورته على مدونتى المتواضعة.

شريف سيضحك كما لم يضحك من قبل. سيضع كفه على كتفى ويقول بسخرية معهودة

وهائلة: أليس آخر الحب الزواج؟ ألم يعلمك أحد هذا فى المدرسة؟؟ عبد اللطيف سيكتفى بأن

يقول لزوجته، وهذا سبب كافى لأن أهاجر إلى كندا بعد أن أتجاوز اختبارات اللغة.

مصطفى الحسينى سيقول بغضب شديد –وهو عندما يغضب يقف ويهرش مرتين ويخبط

المنضدة أو يدق بقدمه اليمنى على الأرض-: يا عم الحاج.. ارحم ميتين أهلى.. أهذا وقته؟

على فكرة، أنت غير مسئول عن تصرفاتك. سيحدثنى أن الوقت الذى أقضيه فى التفكير فى

شادية أولى أن أقضيه فى التفكير فى ورقة وقلم ومزيد والديون والشتاء الذى يداهمنا ونحن

لم نشتر ملابس شتوية بعد.



هل أحكى لكم عما يمكن أن يفعله بى محمد علاء الدين أو العايدى أو محمد فتحى.. محمد

علاء لن يتوقف لسانه حتى أبكى أمامه من ثقل سخريته. العايدى ربما يقول لى باعتداد

شديد: وماله، ليس عيبًا. وعندما أصدق أنه يعنى ما يقول سأجد كوميكساية على مدونته -التى سيعيد فتحها لأجلى خصيصًا فى هذه المناسبة-.. فتحى سيقدم حلقة سيت كوم بالتعاون

مع تامر عبد الحميد وباسم شرف إلى عمرو سمير عاطف بينما يُسرب الخبر-دون قصد-

إلى وليد أبو السعود وما أدراك ما وليد أبو السعود.



نهى محمود ستكتب ثلاثين موضوعًا على مدونتها وستكتب تقريرًا صحفيًا توزعه على

طارق إمام ومحمد ربيع. أما نائل الطوخى فسيسبنى ويضحك وسيضحك ويسبنى. محمد

أبو زيد سيحترمنى بشدة وجمال فتحى سيكتب قصيدة. ستقارن سهى زكى بين لحيتى وبين

ما وصلها عنى وعن شادية، وسالم الشهبانى سيصدر أوامره إلى أحمد ليبتون وأسامة بمنعى

من دخول التكعيبة حماية لى مما سألاقيه.



سأجلس فى ديوان بالزمالك وهناك سأقابل بهاء طاهر الذى عندما يندهش يرفع حاجبيه

لأعلى. سيفعل هكذا بالفعل عندما يأتيه الخبر وبدلاً من أن يسألنى عن موعد الطبعة الثانية

من تماثيل الملح سيقول فى جدية شديدة وكاملة: وما أخبار شادية؟



أو ربما لن يفعل أحد شيئًا. أنا لست مهمًا إلى هذا الحد... شادية تستحق المتابعة أما أنا...

فلا أعتقد.


(3)

ولكنى أحب شادية.

عرفت هذا حين اكتشفت أننى لا أقدر على أن أبدل قناة تلفزيونية تعرض لها فيلمًا. الفيلم

الذى أشاهده الآن هابط، لا شك فى هذا. لا تغضبى يا شادية فمائة وسبعة عشر فيلمًا لابد أن

يكون ثلاثة أرباعهم على الأقل........ المهم، ماذا يجبرنى على أن أشاهد فيلمًا غريبًا بحق

إلا أن تكون الرغبة فى مشاهدة تلك العفريتة. أثرت فىّ بشكل واضح وعرفت هذا فيما بعد

عندما كنت لا ألحظ أن البنت الهادئة لا تثيرنى، وأن البنت التى لا صوت عذب لها لا

تثيرنى، وأن البنت غير الجميلة لا تثيرنى. عرفت أننى أحبها حين قلت لبنت ارتبطت بها

عامين كاملين: أنت شبه شادية. غضبت جدًا. ضحكت وقلبت الطاولة عليها لتعتذر لى

طوال اليوم. قلت لها: أهو معقول أن يحب شاب جامعى عنده ثمانية عشر عامًا امرأة

اعتزلت الفن وعمره خمس سنوات وهى أصلاً من مواليد ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين.

شادية عندها الآن ثمانية وسبعون عامًا غير أنها لا تزال عندى بنت سبعة وعشرين. تمام

مثلى فى العمر. إنها الآن تمثل شاطئ الذكريات وأنا جالس فى مقاعد المتفرجين فى سينما

ذات مقاعد وثيرة بشارع عماد الدين. أبكى يا شادية لأنك فى أحضان عماد حمدى وشكرى

سرحان وتنسينى أنا.. أنا محمد كمال يا شادية.. كيمو الذى يحبك. هؤلاء لا يحبونك يا

شادية. إنهم ينصرفون عنك بعد أن تطفئ الكشافات أنوارها ويذهب كل إلى حال سبيله. أما

أنا فأعود إلى بيتى وأنت معى. لو كان حبهم صادقًا ما تزوج كمال الشناوى أختك عفاف

على الرغم من أنه مثل معك خمسة وعشرين فيلمًا، ولما رضى عماد حمدى أن ينفصل عنك

بعد زواج لم يدم إلا ثلاث سنوات، ولما انفصل عنك صلاح دو الفقار بعد أربع سنوات، ولما

انفصل عنك عزيز فتحى بعد ثلاث سنوات، ولما رفض فريد الأطرش الزواج منك. كل

هؤلاء يهتمون بك لأنك ممثلة ومحبوبة غير أنهم يحبون عملهم أكثر منك. ألم أقل لك من قبل

إن عبد الحليم حافظ لا يهتم بأحد. إنه لا يهتم إلا بفنه. عبد الحليم الذى يقبلك ويشكرك فى

الكواليس الآن مشغول بالأغنية التى سيغنيها معك بعد قليل. يذكرك بالخير دائمًا غير أنه

مشغول عنك بما سيقوله النقاد والصحفيون والجمهور. ألم أحذرك من رشدى أباظة.. ألم

أقل لك إن ما فعله أمامك فى الزوجة رقم 13 هو ما يفعله فى الحقيقة.. أنت ضحكت علىّ

وعلى نفسك بمشاركة فطين عبد الوهاب فهذا الرشدى لن ينصلح حاله أبدًا.. هؤلاء يا

حبيبتى يزعمون الجنون ويضحكون على الفنانات باسم الحب والفن والجنون وفى اللحظة

إياها يشترطون الاعتزال. لا تقولى لى إنها ليست حقيقة وإنها أفلام... مجرد أفلام يا....

قلت لى ما اسمك؟ محمد.. محمد كمال حسن. أرجوك لا تنسى اسمى. إنها مجرد أفلام يا

محمد. أقول: لو كانت أفلام ما أحببتك يا شادية.

(4)

ليس عندى صور لك وقد صرت عجوزًا.. يخيل إلىّ أن أكبر سن ممكن أن تبلغينه هو

الأربعين تمامًا عندما كنت تمثلين شئ من الخوف. وأنا ليس لدى مانع أن أحب أو أتزوج

امرأة فى الأربعين شريطة أن تكون أنت. كل ما لدى من صور هو ما لدى الآخرين. لا

تميز لى كأنى شخص عادى.. كأنى لا أحبك. كأن السهر أيام الثانوية لم يكن لك. أنت إذن

لا تعرفى أنى كنت أشاهدك سرًا أيام الامتحانات دون أن تعرف أمى. بالمناسبة.. أمى

تحكى لى عنك وتقول إنك ظلمتى غنائيًا لارتباطك فى أذهان الناس آنذاك بالبنت الدلوعة

الخفيفة فلم يرفعوا أغنياتك ولا موهبتك الغنائية إلى مصاف كبيرات الغناء. كلنا فى البيت

نحب تمثيلك ونشارك نجيب محفوظ فى رأيه عنك. أحيانًا أتمشى فى البيت مقلدًا شكرى

سرحان وهو يهتف بك: نـــور.. إيه اللى جابك يا نـــور. أنا أرى أفلامك وصورك وأستمع

إلى أغنياتك وأنت لا تعلمين عنى شيئًا. حتى هنا وأنا أملأ مدونتى بصورك أحافظ ألا أبرز

ما لاتريدين للقراء. ألم تطلبى من التلفزيون وشركات الإنتاج أن تحصلى على أفلامك فى

مقابل أموال كثيرة؟ ألم يرفضوا؟ سأحافظ إذن على رغبتك وإن لم تطلبيها إلىّ.. لن أضع

ها هنا صورًا تغضبين منها إذا جاءت الفرصة الذهبية وقرأت مدونتى. سأحترم رغبتك

حتى وأنت لا تعلمين أن هناك شابًا منكبًا على لوحة مفاتيح ليكتب عن سره –الذى يخصك

ولا يخصك- الذى حافظ عليه لسنوات طويلة. آآآآه يا شادية.. يا ترى كيف حالك الآن.


إساف لا يعلم شيئًا عن صديقتى ولا يعلم أنها توقفت عن حبه،


وأنت لا تعلمين شيئًا عنى..


رغم أنى أحبك،


ولم أتوقف عن حبك..


فى الثامن من فبراير القادم

إذا كنا من أهل الأرض

ستعلمين كم أحــبــك

كــيـــمــــو


اللى بيحبك يا شادية

ومتعرفيش عنه حاجة