Tuesday, December 23, 2008

أبناء مصر

أبـنـاء مـصـر
بعد أن تزوج شريف مصطفى –أقدم أصدقائى- (ربما سأحكى عنه فى كتاب منفصل!) وأنا أزعج زوجته جدًا لأنها تضطر إلى البقاء ساهرة لزوم الشاى والكاكاو والفراخ لنستمتع لأقصى درجة بالبلاى ستيشن.
وبعد أن تزوج الحسينى وهو لا يبيت خارج بيته إلا فى بيت عائلته أو عائلة زوجته! نموذج للزوج المستقيم. أقصى ما نحلم به أن يزور أحدنا الآخر فى بيته ويرحل بعد منتصف الليل. فى تلك الزيارات نقضى الوقت فى مناقشة الأمور الأدبية والأحلام الكتابية التى تحتاج إلى أعمار وأقلام لكتابتها.
ومن المعروف أن الزيارات تكون أكثر للأشخاص ذوى الاهتمامات المشتركة؛ ولذلك فإنكم غالبًا ما تجدوننى فى شقة شريف!! أيوه شريف، مستغربين ليه؟ بنقعد نلعب بلاى ستيشن للساعه تمانيه الصبح. مشكلتى الأساسيه إنه مزعج جدًا.. شريف مش البلاى ستيشن. بيقعد ينادى على اللاعيبه طول ما هو قاعد. فجأه تلاقى شيفشينكو بيجرى بالكوره وشريف معجب بيه أوى وبيقول:
- شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو....
وهكذا مع دروجبا وكريستيانو رونالدو ولامبارد ورونالدينيو، ده غير إن كل ما ينفذ لعبه حلوه يفضل يعيد فيها ومن جميع الزوايا، ويفضل يضحك ويقلد عصام الشوالى.
وعندما أعلق على تفصيلة فى اللعب أجده يقول بابتسامته الودودة وبهدوء:
- على فكره يا كيمو.. إنت فى بيتى

طردتنى زوجة البواب برفق بعد نداء متكرر على الشيخ شريف فى عز الليل. قالت:
- معلش يا شيخ.. الناس نايمه والشيخ شريف مش هنا
انفعلت وعلى رأى الحسينى هجت ومجت وازاى شريف يدينى معاد ويمشى، صرخت به فى المحمول:
- إيه يا حيلتها.. إنت فين؟
- عند حمايا
- حماك؟ مش المفروض فى معاد؟؟
قاللى النهارده إيه؟ قلت النهارده السبت. من خجلى تهت ودبت. ما لقيتش عندى رد. معادنا كان الحد. وبعد أن كنت فى وسط موجة غضب وبعد أن رمالى نجمه وطوق، قال:
- اتلقح يا حيلتها فى أى حته وهاجيلك بعد نص ساعه إن شاء الله
سألت زوجة البواب:
- فى هنا قهوه قريبه؟
تدخل عابر سمعنى:
- على الناصيه هاتلاقى قهوة أبناء مصر
وأنا على أبناء مصر أتأملها بطاولاتها المربعة البيضاء المملة، وجدت الحسينى يتصل بى:
- أيا كمال.. عندى خبر وحش
- خير
- ديوان الشعر بتاعنا اللى فى المطبعه "وِلِع".. أنا هروح بعد ربع ساعه وأشوف إيه اللى ممكن يتعمل
أنهينا المكالمة واستعوضت ربنا فى الأربع تلاف جنيه خصوصًا وأنى أعلم أن طيبة وأخلاق الحسينى ستجبره على مسامحة صاحب المطبعة على هذه الوليعه التى أصابتنا. كثيرًا ما يشعرنى الحسينى أنى وغد لئيم. كانت رأسى بين يدى زى اللى روح مالاقش بيتهم. أما القهوه فكانت تشغل أغنية أديك تقول ما خدتش لأحمد عدوية. أتى القهوجى واضعًا أمامى ينسون لم أطلبه، وقال:
- خطوه عزيزه يا سعادة الباشا
إحساس مهم إن القعده دى مش هتكمل على خير والرجل يقول:
- متقلقش الشيخ شريف زمانه جاى
- وانت عرفت منين إنى مستيه؟
- ودى محتاجه مفهوميه.. كل دول مستنينه
معلوماتى الأخيرة عن شريف أنه لم يصل بعد إلى مرحلة الإفتاء وأن يكون له مريدون. كل دوووول يا شريف. ثم مستحيل يكون مواعدهم لأنه على موعد معى للبلاى ستيشن. قال:
- هو حضرتك هتبيع ولا لسه هتفك؟
- أفندم؟
لم يجد ليه الوقت ليوضح إذ انصرف ليلبى طلبات زبائن أخرى. اقترب منى أخ فاضل وجلس إلى جوارى وقال فورًا:
- قول لا إله إلا الله
- لا إله إلا الله
- عندى حد يخلصلك مصلحتك، وزيه زى الشيخ شريف وهيطلع برضه خمسه فى المايه عشان ربنا يبارك
- لا أنا الحقيقه مستنى الشيخ شريف عشان عايزه فى مسأله شخصيه
- شفت يا شيخ.. هما الشيوخ كده.. مايشتغلوش غير مع شيوخ زيهم.. بقى أنا مآمنلك وانت مخونى.. بكلمك بصريح العُباره من غير ما أسأل عنك ويمكن تكون مباحث ومع ذلك داخل معاك بعشم
- مباحث؟
أتى القهوجى الذى قال إن اسمه إبراهيم:
- ها يا بيه.. لسه مقلق؟
- لا يا جماعه.. واضح إن فيه سوء تفاهم
- يا بيه مافيش سوء تفاهم.. أنا قاريك.. إنت مقلق. قول بس.. فرعونى ولا رومانى ولا قبطى ولا إسلامى؟
بدأت أفهم فصرخت بشويش:
- إنتوا فاكرينى تاجر آثار؟
- لا يا باشا.. الوشوش بتبان ولو كنت تاجر مكنتش جيت لشيخ شريف. أصل الشيخ بيفك الرَصَد ويطلع الِلقيا بس. إحنا عايزين نجيب لقمة عيش لجماعه حبايبنا برضه. أصل من ساعة شيخ شريف ما اشتغل ومفيش حد بياكل جمبه.. هيا الأرزاق بتاعة ربنا صحيح بس الرحمه حلوه برضك
- من إمتى وهو بيشتغل؟
- مش من كتير. من ساعة ما اتجوز. بس ربك والحق نضيف ف شغله وبيطلع الخمسه فى المايه قبل ما حد يمد إيده
_ خمسه فى المايه؟
- آه ده حق ربنا. إوعى تبخل.. طلع خمسه فى المايه بتاعة اللقيا عشان ربنا يباركلك
انزويت قليلاً فانصرفا عنى وقد فهما أننى أفكر.. كنت فى الحقيقة مصعوقًا مما أسمع خصوصًا وأنى منذ أن انتقل إلى أكتوبر وأنا أرى شريف بصعوبة شديدة.. معقوله يا شريف؟ معقوله بتاجر فى الآثار؟ ليه كده بس؟ هيا ناقصاك انت راخر.. وجدت الحسينى يتصل فتحضرت لمصيبة جديدة.
- أيا يا كمال.. الكتاب ما ولعش الحمد لله
- الحمد لله.. أمال إيه اللى حصل؟
- المتن سليم والزنكات.. بس ورق الغلاف هو اللى ولع
- الحمد لله إنها جات على قد كده
- الحمد لله، بس أنا بتصل عشان حاجه تانيه
- خير
- الأربع كتب اللى كانوا فى المطبعه ومستنيين النقل
- مالهم؟
- فاكر الواد حسام اللى شغال معاهم فى المطبعه؟
- آه
- اتخانق مع اسطى عطا ونقل 8 كتب، منهم الأربعه بتوعنا
- نقلهم فين؟
- محدش يعرف.. وساب البيت وابوه مايعرفش راح فين
- إيه التهريج ده؟ حفل التوقيع التلات الجاى
- معرفش بقى والمطبعه بيقولوا إن دى مش أول مره.. ومحدش عارف ياخد مع أبوه لا حق ولا باطل.. بيقولوا الواد مغلبه
- وبعدين؟
- معرفش.. اهدى كده وفكر فى حل لغاية بكره الضهر
اقترب منى زميل فاضل من الطاولة المجاورة:
- جاى تتطلع ولا تبيع؟
ربكم والحق، قلت أتسلى:
- لا ده ولا ده.. أصل عندى 8 حتت واد مقلبهم وهربان بيهم، منهم أربع حتت يخصونى
- يا خبر.. 8 حتت مره واحده
- نصيب بقى.. الواد اتخانق مع الشيخ بتاعه وهرب بيهم.. المشكله إن الناس مستيه الأربع حتت دول يوم التلات الجاى
- هو انت جاى لشيخ شريف؟
- آه.. قلت يمكن يلاقيلى حل
- بس الشيخ شريف مالوش دعوه بالحاجات دى، ده بيطلع وبس
- هسأله وهو يقرر
جاء زميل فاضل آخر، ابتسم وسأل عن الحكايه، وبعد لحظات وجدت أربعة زملاء أفاضل حولى يتناقشون فى كيفية إعادة الحتت
- هما فرعونى ولا إسلامى؟
- اتنين سرد وواحد تفعيله واحد نثر
- نعم؟؟؟؟
- لا لا ماتخدوش فى بالكم.. هما أربعه وخلاص
تدخل زميل خامس كان معدى وقال يشارك:
- أنا عندى حل
صرخت:
- الحقنى
هز رأسه وقال بحسم وجدية:
- إعمل زى الحكومه
- إزاى؟
قال قاطعًا الشورت فى البسين:
- مش لما الحكومه بتعوز تقبض على واد هربان بيمسكوا حد من أهله عشان يسلم نفسه؟
- آه (كل الناس اللى قاعدين)
- إنت كمان إعمل كده، هتصلك باتنين عتاوله دلوقت.. مش هقولهم رايحين لإيه عشان ميطمعوش.. هتدى لكل واحد بتاع متين جنيه يخطفولك أبوه ولا أخوه.. هاتلاقى الواد هو اللى بيدور عليك
قلبتها فى دماغى مفكرًا فى عناوين المصرى اليوم وأخبار الأدب والبديل وبرامج دريم والمحور والجزيرة
"القبض على روائى بتهمة البلطجة"
"خلاص البلد باظت.. كاتب مغمور يحبس عجوزًا ويجبره على خلع ملابـ..." لا لا مش الخبر ده
"هى دى مصر يا عبلة"
- ها يا شيخ.. قلت إيه؟
انتزعنى صراخ الزملاء الأفاضل من الحملة الصحفية لأقول متوترًا وقد غلبتنى الفكرة خوفًا من فضيحتنا الثلاثاء القادم..
- بس مش عايز شوشره
- مين هيشوشر يا عم الشيخ؟ إنت عايز تحبسنا؟ دى آثار
قال كلمة "آثار" هذه بلهجة مرتفعة فأفزعنى فقلت بسرعة:
- خلاص خلاص.. اتصل بالناس
اتصل أمامى بواحد اسمه كارينجا وأمنه أن يحضر خبؤه (هو أنا سمعت فين الاسم ده قبل كده) ويقابلونى بعد ساعة أمام البرج الأولانى من أبراج ساويرس من ناحية التحرير. اتصلت بالحسينى وقلت له أن ينتظرنى فى نفس المكان.. ثم اتصلت بصاحب المطبعة ناصحًا له لآآآآآآخر مرة قبل أن أقوم بعمليتى الوقائية للحرب على الإرهاب ومؤكدًا عليه أن يفعل أقصى ما بوسعه لدى والد حسام لإعادة الأمانة.
لحظات وأكد علىّ الجميع بضرورة الهدوء لأن الحاجات دى عايزه الراجل الراسى خصوصًا وإن الحكومه مفتحه عنيها على اللى زينا.. كمان دول ناس ميعرفوش ربنا (قصده على الحكومه) ليه بقى يا زميل؟
- إزاى يحرموا بيع الآثار؟ واحد ولقى حاجه تحت بيته، هما مال أبوهم؟ كمان لو عملت وطنى وبلغت بيصادروا أرضك وبيتك.. مين بقى هيبلغ؟ كمان لا مكافأه ولا حتى 10 فى المايه.. يعنى لو لقيت شنطة فلوس أحسلى من شنطة آثار.. ثم أنا سألت شيوخ كتير وقالولى حلال حلال حلال.. كمان دى تماثيل قديمه مش هيعملوا بيها حاجه وهيرموها فى المخازن
أمن إبراهيم القهوجى على كلامه وهو يقول لى:
- ما هى حكومتنا لو جامده وبتفكر مكانش حد عمل كده.. مصر عامله زى الخليج.. الخليج عايم على بترول وإحنا عايمين على آثار.. بالك يا شيخ.. لو عندنا ناس صح كنا فطرنا واتغدينا واتعشينا دهب.. بس تعمل إيه بقى..
وجدت محمولى يرن:
- أيوه يا كيمو.. أنا وصلت البيت وشغلت البلاى ستيشن
- ماشى يا شيخ.. إنت ليه مقلتش إنك بتشتغل فى الآثار؟
- إيه يا كيمو.. إنت سكرت ولا إيه نظامك؟
- متنكرش كل الناس بتكلمنى عنك وشاورولى كمان على بيتك.. يا حبيبى كل الناس عارفه بيتك حتى بتوع مكافحة سرقة الآثار
- هو انت فين؟
- مالكش دعوه.. إنت مخبى عليا عشان مبلغش عليك.. طب إيه رأيك بقى إنى هبلغ (انفض الزملاء الأفاضل من حولى) عشان تتربى
- يا ابنى إهدى أنا مش فاهم منك حاجه
- بقولك إيه أنا مش فاضيلك دلوقت، عندى معاد عند برجين ساويرس وبعدها هرجعلك
- برجين ساويرس؟
- آه مستنينى كارينجا وخبؤه، ومش هينفع أتأخر
ثم أنهيت المكالمة دون انتظار رد فوجدت اتصالاً آخر من صاحب المطبعة:
- ينصر دينك يا أستاذ محمد
- خير
- قلت لأبو حسام على اللى انت ناويه وهيجيب الكتب بعد نص ساعه
من منكم شاهد فيلم ذا روك عندما تلقى الضباط فى حجرة العمليات إن نيكولاس كيدج نجح فى رفع الإشارات الضوئية الخضراء مما يعنى نجاح العملية سلميًا دون داعى لتفجير الجزيرة وقتل الرهائن؟؟ هكذا فعل الزملاء الأفاضل.. قفزوا من حولى ابتهاجًا بعودة الحتت بتاعتى.. وسارع الزميل بالاتصال بكارينجا:
- ارجع ارجع، الناس جابت الأمانه

بينما وزع إبراهيم مشاريب على حساب الشيخ شريف لأن 8 حتت يساوو الشئ الجامد، والحاجات دى رجعت عشان شكلى واد مش وش بهدله.. بعد قليل دخل شاب عظيم البطن وصغير السن وصرخ أحد الزملاء:
- ابسط يا عم.. أهو الشيخ شريف وصل أهو
أمسكت بالقهوجى:
- هو ده؟
- آه.. أمال انت فاكر مين؟
بوست القهوجى من بقه وأنا اتصل بحبيبى الرايق:
- أيوه يا شريف.. إنت طلعت برئ
- ربنا يعوض عليا فى عقلك يا بنتى.. تعالى وانجزى يا سوسن بدل ما انزل أولع فيكى
جريت من القهوه قبل ما يعرفوا الحقيقه ويكتشف الشيخ شريف إنه لبس فى خمسين جنيه بالميت حساب أفراح القهوة بعودة كتبى سالمة إلى المطبعه..

كان صراخى وشريف أمام دروجبا وشيفشينكو عاليًا فلم أسمع رنة محمولى إلا بعد ساعتين ونحن نعد الشاى.
- أيا كمال.. إنت فين؟
- أنا عند شريف
- شرييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييف؟؟
فهمت الأمر كله دفعة واحدة:
- يا نهارك أبيض.. إنت عند برجين ساويرس؟
- بقالى 3 ساعات
- معلش حقك عليا.. أنا آسف جدًا لما أشوفك هشرحلك
- لا تشرحلى ولا أشرحلك.. والكتب اللى عند حسام ابقى هاتها انت.. عشان لما تلطعنى 3 ساعات فى البرد ده يبقى عند حق

Saturday, December 13, 2008

أشياء لا تخص أحدًا بعينه

أشياء لا تخص أحدًا بعينه
قصة قصيرة
محمد كمال حسن
ــــــ
عارفة أننا تخرجنا منذ شهور وأنك لم تشتغل بعد وأن الـ... آه، هذا الكلام الذى يبدأ بـ(عارفة) ثم ينتصف بـ(لكن) ثم ينتهي بـ(أقترح)، وهو ليس اقتراحًا وإنما أمر واجب النفاذ؛ لأنه ماما متضايقة جدًا من وضعنا وأخي يتخانق معى كلما نزلت. عنده حق وماما عندها حق، أنا كبرت.. كبرت فعلاً. زوى ما بين حاجبيه ينتظر الكلمة التالية. بالمناسبة، بالأمس جاءنى عريس ورفضته طبعًا، لم أقل لك من قبل هذا حتى لا أضايقك. مشكلتك أنك صدقتِ ما قلته لكِ. كانت تجلس إلى حافة مقعدها وتتكلم بحماس وتقدم رأسها نحوه ممسكة بطرف المنضدة بيدها الاثنتين. وهو كان ينظر إلى البخار الذى يتصاعد من فمها أثناء الكلام ويبدو مستغرقًا فيه. ماما خائفة علىّّ، تصور بنت خالى لم تتزوج حتى الآن، تصور 31 سنة من غير زواج ولى جارة 27 سنة وصديقة 29، هناك كثيرات طبعًا ولكن. صمتت لحظة لتلتقط نفسًا ثم تابعت بحماس: أنا عندى21 وقدامى وقت طبعًا، لكن ماماااا.. أنت عارف، أما أنا لو علىّ فـ. الميدالية كانت فى يدى الآن أين ذهبت، وقعت تحت الكرسى. متى وقعت وكيف لم أشعر بها. الميدالية غالية علىّ جدًا، هدية من صديقة قديمة. أخى لا يكرهك ولكنه طبعًا لن يقبل بـ... كانت صديقة فعلاً وكنا نتكلم بالساعات فى التليفون، صحيح كانت بنت لا مؤاخذة لكن كانت جدعة، يخرب عقلك دمك شربات. بنت خالى راسها وألف سيف تتزوج عن حب وهذا ما أخرها إلى الآن. ياااااه كل ما أفكر..31 سنة.. كثير فعلاً.


ياليت كنت أقدر أكلمك، لولا غيرتِ الرقم يا بنت الإيه. غيرت الرقم وقالت له إنها ستتزوج بعد شهر، وضعت أصبعها تحت إبطه تداعبه وتكمل: أنت عارف الإحراج، ثم ضحكا.المشكلة ليست أن تأتى البيت لتخطبنى، المشكلة فى، فى، فى،....، هل أنت جاد فعلاً. حاول أن يتخذ أفضل الأوضاع فى جلسته غير المريحة وهز رأسه أمامها متفهمًا مشكلتها. كانت لديه عادة لم تكتشفها إلا صديقة قديمة، كان يردد آخر كلمة يقولها الجالس أمامه ويقول: ممكن توضح؛ فيسترسل الآخر فى الكلام بينما هو يحملق فيه مبديًا التفهم والانغماس فى حين يفكر ويرتب أشياء أخرى، ثم يقول الشخص الجالس شادًا على يديه بعد انتهاء الحوار إنه أفضل مستمع رآه فى حياته. الناس فى بلدنا تتكلم أكثر ما تسمع


ابتسم على الرغم منه عندما تذكر صديقته وهى تحذره بعنف أن يفعل معها هذا. لماذا تبتسم، أخى فعلاً رجل البيت، بابا لم يمت ولكنه منفصل عن ماما من زمان. عارف، هو أيضًا يحب. دخل المكان شاب فرآه، كان صديقًا قديمًا يراه دائمًا بالمصادفة وعلى فترات متباعدة، سلام حميمى وسؤال حميمى وعابر وغرضه الوفاء بحق المقابلة العارضة، أحوال و أخبار وسلام و أشوفك بخير. الكرسى غير مريح بالمرة. عارف طبعًا أنى أعرفك من وقت قريب، لكن والله العظيم والله العظيم والله العظيم أتعامل معك كما لم أتعامل مع شخص فى حياتى لدرجة إنى أحكى لك كل خصوصياتى، خصوصياتى كبنت، عارف.... هذه المرة الدورة تأخرت. تأخرت؟ ممكن توضحى. الدورة لما تتأخر إما حمل أو حالة نفسية، يعنى أنا فى حالة نفسية سيئة بسبب موضوعنا وماما و... نظر فجأة باستغراب حوله ثم رفع كفه أمام عينيه يقبضها ويبسطها أكثر من مرة، ثم فرك عينيه محاولاً أن يعتصر ذاكرته، متى، كيف، أين، مالك؟ تململ فى مقعده كثيرًا وهرش رأسه بحيرة وظل وقتًا كأنه يريد أن يسألها سؤالاً ثم يعود فيحجم إلى أن قال أخيرًا: من أنت؟
.

Tuesday, November 11, 2008

على بابا والأربعين توك توك

على بابا والأربعين توك توك




أن تتخذ قرار بناء بيت لك كمثل أن تتخذ قرار الزواج. لا تستمع فيه إلى نصيحة من سبقوك ثم تندم حيث لا ينفع الندم، وعندما يسألك أحد عن أحوالك يجب أن تقول: -الحمد لله يا راجل.. كده الواحد أحسن كتير كما يجب أن تكون مبتسمًا لئلا يشمت بك أحد وإن كان أقرب الناس إليك. لم ألتفت إذن كثيرًا لمبررات الحسينى العائلية حول وجوب بناء بيت عائلى فى بنى سويف –مسقط رأسه- واكتفيت بأن أعمل ما يمليه علىّ ضميرى ودعوت له بالتوفيق.



2 ظهرًا – محافظة السادس من أكتوبر


اتصلت بالحسينى لأخبره أنى مسافر إلى زاوية المصلوب (قريتى بنى السويفية) لأزور عمى الذى عاد من السفر أمس. فقال الحسينى: -طيب ما تستنى نسافر سوا.. أنا مسافر عشان صبة السقف بكره

-أنا عندى مشوار فى الجيزه هعمله وأركب من المنيب..

-يناسبك نتقابل هناك الساعه 6؟

-خلاص 6 فى المنيب


6,00 – موقف السيارات بالمنيب


-أيوه يا بنى.. إنت فين؟

-إنت وصلت؟

-أيوه.. جاى ولا أسافر أنا؟

-أنا نزلت من دقيقتين..استنانى..أقل من نص ساعه إن شاءالله واكون عندك،ماشى؟

-هدور على قهوه أستناك عليها،بس قبل ما توصل بخمس دقايق كلمنى عشان اتحركلك.ماشى؟

أنهيت المكالمة ثم انتبهت إلى أن مكالمتنا كانت تنتهى كل جملة فيها بعلامة استفهام ولا توجد جملة واحدة تنتهى بنقطة. لم أفهم فى وقتها ما الذى يعنيه هذا. زاوية المصلوب على بعد ساعة واحدة فقط من المنيب إذ أنها تابعة لمركز الواسطى القريب. اسمه سفر على أية حال وأن أسافر مع الحسينى أحسن بالتأكيد من سفرى وحيدًا. لا بأس إذن من انتظاره.




6,05 – خلف السكة الحديد بالمنيب


لم يكن الزحام غريبًا علىّ إذ رأيته من قبل فى ترعة السواحل وناهيا وفيصل وشبرا وعزبة النخل ودار السلام. كل المناطق المزدحمة متشابهة كأنها مكان واحد. زحام وتلوث وضوضاء لصناعة مزيج رائع من بشر ليست لديه أى رغبة فى الحياة. صحيح أنى أعتدت كل هذا ولكن ليس معنى ذلك أن أجلس إلى مقهى عند الطريق الرئيسى. يبدو الجلوس حينئذ أشبه بانتحار. وصلت إلى مقهى فى أحد الشوارع الجانبية. مقهى عادية، جدرانها مبلطة بالقيشانى الأبيض وفواصله بالقيشانى الأسود. عرض الشارع لا يسمح بمقاعد خارجية. كان المكان واسعًا وشبه خال فقلت لنفسى:هنا كويس.
-شيشه يا غالى؟
-لا يا زعيم.. شاى تقيل زياده بالنعناع
تجولت ببصرى فوجدت لوحة كُتبت عليها تسعيرة المشروبات. ابتسمت عندما وجدت أن الشاى بثمانية قروش فقال القهوجى واضعًا الشاى على الطقطوقه:
-الحاج مش عايز يشيلها.. سايبها تذكار لأيام زمان لما كانت الناس كويسه.. أنا مشفتهاش، بس هو اللى بيقول
عندما أسمع أن أيام زمان أجمل والناس كانت ناس إلخ إلخ إلخ أتحسس مسدسى. أتذكر نجيب الريحانى فى فيلم غزل البنات فى الأربعينات عندما قال لليلى مراد إن الناس الحلوه كانت زمان.. لا بد أنه قصد أول القرن العشرين أو آخر التاسع عشر،ولابد أنه كان يسمع جده يقول نفس الكلام..أى ناس يقصدون؟


6,25 – فى المقهى أتذكر أيام زمان

بينما أنا غارق فى فطوطه وشريهان وبيبو حبيب قلبى ونواعم وشمعدان، توقفت أربعة تكاتك أمام المقهى. توقفت دون صخب لينزل من ثلاثة منها حوالى خمسة عشر شابًا بينما نزل من التوك توك الرابع توك توك منفصلاً عرفت فما بعد أن اسمه عم مجدى.



6,50 – أتفرج فى القهوه

-أيوه يا كمال.. معلش يا باشا.. قدامى ربع كده.. الطريق واقف
-يا بنى خدها جرى أنا كان زمانى فى العياط
-معلش يا ريس.. دقايق وابقى عندك ان شاء الله
كنت غير منتبه كثيرًا لتأخر الحسينى خمسين دقيقة عن موعده لأنى كنت أتابع القهوجى وصبى الشيش وهما فى حالة طوارىء؛ حيث لا بد لهم من الإسراع بتنزيل قص وحمّى وسلوم وشايات وحلبة وعناب.. كانوا قد احتلوا المكان تقريبًا لدرجة أنه لم يبق إلا مكانان أحتل أنا واحدًا والثانى لا يزال خاليًا. كانوا قد رفعوا الطقاطيق من بينهم ليفسحوا لمجلسهم مجالاً أكبر، ووضعوا المشروبات أسفل المقاعد، وصنع دخان الشيش إحساسًا مرعبًا بأن السرطان جالس فى المقعد المجاور.
كانت ملابسهم لا تختلف كثيرًا فهى لا تتجاوز بنطلونات جينز مرسوم على أفخاذها صور وتيشيرتات رخيصة. شعورهم كذلك غارقة فى الجيل وبعضهم حالق زيرو، وأعتقد أن أعمارهم كانت بين العشرين والثلاثين. افتتح التوك توك:
-هنقضيها صمت؟ خلاص يا حماده.. خُبُؤُه يرجعلك المصلحه وتبقى كده حطت نهايتها
انتصب شاب رفيع جدًا وقال:
-لا يا عم مجدى. هو أنا ....؟ ما أنا لو كنت عايز أرجع المصلحه ما كنت رجعتها.. أنا جاى هنا عشان خاطرك. هريسه لما قاللى إن عم مجدى جاى جيت
-أمال عايز إيه؟
-طالما دخلت فيها يا عمنا يبقى السلاح ييجى
انتصب شاب آخر مرسوم على تيشيرته جيفارا وقال مشوحًا بيديه:
-أسلحة إيه؟ مفيش أسلحه هتييجى
قال واحد آخر:
-بص يا معلم.. طالما دخلت عم مجدى يبقى ماتهسش وتسمع لآخر الحوار
نطق مجدى بهدوء:
-اعدل بقك يا هريسه لاعدلهولك.. مكنتش عايزنى أدخل؟
-لا يا ريس مش القصد.. بس طالما حضر كبير يبقى ميصحش احنا نتكلم ولا انا بتكلم غلط؟
استكنيص مجدى من رد هريسه فقال لخبؤه:
-متهسش يا خبؤه
هريسه قال:
-ينفع يا ريس بعد ما حماده تعب وخد العده من الزبون يترصده خبؤه على ناصية شارعه؟ ويثبته بسلاح كمان؟
تدخل آخر:
-على فكره بقى ياعم مجدى.. حماده اداله العده مش خوف بس عشان ميعملش حوار مع ناصر، بس ده حوار قديم مش هنلوكه دلوقت
تضايق مجدى:
-وله انت وهوه انزلوا من على ودانى.. حماده.. العده ترجع وتبقوا حبايب
-لا يا عم مجدى أنا كده متأذى
تدخل هريسه:
-احنا بنتكلم فى الأصول.. لما سلاح يترفع يبقى الحاجه تيجى والسلاح ييجى
-ياد انت صح.. بس بقولك عشان خاطرى انا.. ناصر لو عرف ان سلاح خبؤه اتاخد منه هتدخلونى أنا فى حوارات معاه.. لسه أنا وهوه متراضين من يومين
-يبقى طالما عامل دكر بقى يستحمل
صرخ خبؤه:
-شفت يا عم مجدى؟ أنا ساكت عشان خاطرك
أخرج مجدى من جيبه جهاز محمول نوكيا بكاميرتين، وأعطاه لحماده:
-العده أهه يا حماده وكبر أخوك الكبير

7.15 –لسه فى القهوة والعده فى إيد مجدى وحماده مش عايز يمد إيده

-السلاح ييجى
-مفيش أسلحه
-السلاح ييجى
-مفيش أسلحه
-السلاح ييجى
-مفيش أسلحه
-السلاح....



7,40 – لسه متثبت فى القهوه

-يا عم مجدى إنت جاى عليا وخبؤه فتح عليا السلاح
انتفض مجدى كمن لدغه عقرب ونظر لحماده:
-جرحك؟
-لا يا ريس هيا خابت؟ عليا الحرام من دينى كنت دبحت نفسى عليه
أمسك به مجدى يقلبه ذات اليمين وذات الشمال ليتأكد من خلوه من الجروح، ثم سأل خبؤه:
-ورينى دراعك
-خلاص بقى يا ريس هاديله العده وكده تبقى قُضيت
-ورينى يا ابن الـ.....
قلبه مجدى فوجد جرحًا فقال هريسه بسرعه:
-ده جرح قديم بتاع توفيق ف خناقة البت مروه
تكهرب الجو فجأة. قام خبؤه واضعًا سلاحه فى يده فقام هريسه وحماده بينما وقف مجدى وصوته أعلى مما تخيلت:
-اقعد يا ابن .... ويا بن .... و.... و.... و....
جلسوا فقال لخبؤه:
-السلاح ما اتظفرش ليه يا بن ....؟
وقع خبؤه بين المطرقة والسندان.. عرف أن لا مفر ففتح قرن الغزال وجرح بها ذراعه جرحًا معقولاً، ثم قفل القرن، ثم تناول العده/ المحمول من يد مجدى وتقدم خطوتين لحماده، وقال:
-خد يا زميلى حاجتك والسلاح.. وحقك علىّ
تسلم حماده العده والسلاح، ثم نظر لمجدى. وضع العده فى جيبه ثم قال بمنتهى التأثر:
-وميهونش عليا يا شقيق العيش والملح
ثم أخرج مطواته بسرعه وجرح بها ذراعه جرحًا معقولاً فاحتتضنه خبؤه.
أعاد حماده مطواة خبؤه له، وقال عاوجًا رقبته مع كل حرف ينطقه:
-خد سلاحك.. أنا برضك ميرضينيش تنزل منطقتك من غيره
ثم جلسوا أصدقاء حميميين، يتناجون فى كيف ثبت حماده شابًا كان يسير فى الشارع وأخذ منه محموله، وخبؤه يعتذر على قلة الأصل إلى أن رن محمولى. التفتوا إلىّ واكتشفوا أنهم رأونى لأول مرة. صرخ بى التوك توك:
-انت بتعمل ايه هنا؟
ابتسمت بدماثة وقلت:
-مستنى مصطفى الحسينى


Thursday, October 09, 2008

قهوة عكاشة

قـهـوة عـكـاشـة

منذ أن انتقلت إلى للسكن فى مدينة السادس من أكتوبر –والتى تحولت إلى محافظة فيما بعد- وأنا أتأخر عن مواعيدى بشكل منتظم. يقول المقربون إنى أتأخر منذ أن عرفونى ولكنى لا أهتم لأنى مقتنع أنى لم أكن أتأخر، كما أن الحكومة مقتنعة تمامًا ومعها شركة المقاولون العرب أنهم يسابقون الزمن فى الانتهاء من أعمال تطوير وتوسيع وصيانة محور الموت الشهير بمحور 26 يوليو. كانوا قد أعلنوا أنهم سينفذون الأعمال فى ثلاثة أشهر ثم وللشكوى لغير الله مذلة افتتح المحور بعد الصيانة بعد حوالى تسعة أشهر وهو غير كامل ومع عيوب فنية شديدة الوضوح. وقبل صيانة المحور كنت أتأخر كذلك لأن الحكومة تسابق الزمن ومعها شركة المقاولون العرب فى الانتهاء من إنشاء الوصلة بين نهاية كوبرى المحور وبين ميدان لبنان لتخفيف الضغط المرورى على الميدان. بالطبع هذه الوصلة القصيرة والتى لا تتجاوز مائتى متر استغرت ما يقرب من العام. اللافتات الصفراء على جانبى المحور تخبرنى أنى لم ألتفت إلى حجم العمال والماكينات والأعمال وأنى مقصر فى الثناء على الحكومة وشركة المقاولون العرب

قبل أن أنتقل للسكن فى أكتوبر كنت أشاهد الإعلانات التى تقول إن المسافة عشرين دقيقة. لم أكن مصدقًا فأنا كثيرًا ما يزورنى مندوبو الإعلانات فى منزلى لإخبارى بأنى فزت فى مسابقة وإنى وبالصلاة على سيدنا محمد –عليه الصلاة والسلام- كسبت دعوة لخمسة أفراد لمسرحية كيمو والفستان الأزرق وأنهم كذلك يريدون عشرين جنيهًا ضمانًا للجدية على أن أسترجعها لما اشوف حلمة ودنى. أتذكر عشرين جنيهًا وعشرين دقيقة ولا أشعر بالتفاؤل.. ثمة عائق بينى وبين العشرين فيما يبدو. لذا كنت أشعر بالدهشة العميقة عندما وصلت من أكتوبر إلى ميدان لبنان فى ساعة ونصف الساعة على الأقل ولم أجد الحسينى فى انتظارى عند موقف أوتوبيس ميدان لبنان كما اتفقنا




يقول المقربون وغير المقربين والعالمون وغير العالمين إن مصطفى الحسينى لا يأتى أبدًا فى موعده. أقول لهم: لا يا جماعة ربنا يكره الظلم. وأنا أعرف أن الحسينى لا يأتى إلا فى مواعيد العمل مع العملاء الغرباء. أما أنا وأصدقاؤه وزملاؤه وأخوته فلا يوجد مانع أن يطلع تلات تيت أهالينا فى انتظاره. امممممم الحسينى يسكن فى هذه الحكاية فى مطار إمبابة ولمن لا يعرف فإن المسافة من بيته وحتى موقف أوتوبيس لبنان أقل من عشرة دقائق

كنت فى الأول أتضايق وأشعر بأنه لا يقدر مجيئى من أكتوبر مقتحمًا سائقى الميكروباظات الذين يقطعون المسافة، ومقتحمًا البقاء متيبسًا لمدة ساعة ونصف فى أربعة كيلو مترات فى المحور الذى تسابق فيه الحكومة الزمن مع شركة المقاولون العرب، بالإضافة للحرارة ولكاسيت الميكروباظ.
أما الآن، لم أعد أكترث. يأتى مصطفى أو لا يأتى. يعمل حادثة ولا بيته هيتهد ولا يولع حتى غير مهم، المهم أن الجو حار ولا بد أن أجد مقهى قريبًا أجلس فيه.
اتصل الحسينى وقال:
- معلش يا معلم.. هتأخر شويه أصل الطريق واقف فى شارع مراد.. أصل الحكومه ومعها شركة المقاولن العرب بيسابقوا الزمن عشان يفتتحوا نفق مراد.ولأن الحسينى سيتأخر حتى لو كان الطرق خاليًا فلا بد أن أبدل المقاهى حتى لا يقتلنى الملل لأن عبد اللطيف أبو هيف (كما يطلق عليه الحسينى) أبدى ملاحظة مهمة وهى أن طول أصابع يدى اليمنى ليس بنفس طول أصابع اليد اليسرى، وأن هذا حدث منذ أن توطدت علاقتى بالحسينى.. امممم ممكن يا عبده. الحسينى عندما يقترب فإنه يتصل بى ليعرف هل أجلس عند مزلقان أرض اللواء أم داخل شارع خطاب أم عند المواسير أم عند عربات الطريق الأبيض

قررت أن أنتظره فى مكان مختلف، فى المهندسين نفسها. الوجه الأول لميدان لبنان. كنا سنذهب إلى مقابلة سيدة أعمال بالقرب من شارع سوريا. أخبرت الحسينى أن موعدنا فى الرابعة وأن موعدى معه فى الثالثة لنتناقش حول بعض التفاصيل قبل أن نذهب إليها. طبعًا كان الموعد الحقيقى فى الخامسة. يقول عبد اللطيف: لماذا تذهب إذن فى موعدك؟ لا أعرف، فقط أخاف أن يعرف أنى أتأخر فيتأخر أكثر تحسبًا لتأخرى

كانت المهندسين قد أضفت صبغتها على المقهى فصار مرحلة انتقالية بين المقهى المعتاد والكافيه أبو مينم تجارج. كانت تلك أول مرة أرى فيها طبق صينى تحت كوب الشاى ومعه سكرية زى الفل وعليه رسوم. وكرد فعل طبيعى ابتسمت فى وجه الجرسون/ القهوجى الذى رد بطبيعية بقلب شفتيه بامتعاض واضح. راودنى شعور تلقائى بالغضب من الحسينى الذى جعلنى فى انتظاره دائمًا عرضة للبشر.

كان التلفزيون على محطة ميلودى أفلام التى تتحدى الملل. كانت تذيع فيلمًا غير معروف وغير مفهوم. يعنى تقدر تقول إنها لم تكن تعرض شيئًا. وصل الفيلم المجهول إلى فاصل أصفر فمددت يدى إلى كوب الشاى. وجدت رجلاً جالسًا جوارى إلى نفس طاولتى. لا أدرى متى جلس ولا كيف لم أنتبه إليه. قال:
- أفلام ولا لها لزوم. حاجه تقرف. تعرف يا شيخ؟ أنا هنا تقريبًا كل يوم. وعم بدوى صاحب القهوة مشغل دايمًا ميلودى. عليهم إعلانات ما يعلم بيها إلا ربنا. وواد أصفر أجارك الله. وعهد الله ما اعرف بيجيبوا الأفلام دى منين. تعرف يا شيخ إن القناه دى بتاعة حفيد عبد الناصر؟.. آه عبد الناصر بتاع التأميم الحلو ده.. شفت الزمن؟ الراجل ده برضه يبقى ابن أشرف مروان اللى رموه من البلكونه وقالوا انتحر. ههههه. انتحر. يعنى كان لازم يروح لندن عشان ينتحر... هييه تعرف يا شيخ لو حد قالك إنه يعرف حاجه يبقى بيضحك عليك.. آه صدقنى، قسمًا بعزة جلال الله يبقى بيضحك عليك.وضعت الكوب بعد الرشفة الثانية فلم أجد الرجل. الله أكبر، صلى على رسول الله. مممم... ولا يهمك يا ابو كيمو. ربنا يسوقك يا حسينى. ربنا يحرقك يا حسينى. نظرت إلى حذائى فناديت ماسح الأحذية الذى يجلس أمام صندوقه عند باب المقهى ومعه كرتونة أحضرها إلى لأضع فوقها قدمى الحافيتين


عندما رفعت رأسى بعد خلع الفردة الثانية رأيت رجلاً يرتدى قميصًا مقلمًا وبنطلونًا لا أعرف لونه حيث إنى مصاب بعمى الألوان. قال بسرعة وهو يحرك محموله بين كفيه بطريقة دائرية وبلهجة أقرب للسرحان:
- مش عايزين يدونى أجازه بدون مرتب. طب ده يرضى مين؟ سمعت الوزير فى العاشرة مساء من يومين وهو بيقول إنك تقدر تعيش بميه وثمانين جنيه فى الشهر؟ آه وربنا قالها. طب إيه رأيك إنى بعت لبريد الأهرام النهارده. لسه راجع م الأهرام حالاً. قلتله إنى هديله بميتين جنيه لمدة أسبوع مش شهر ولو قضوه هسيبله شقتى رغم إنها إيجار قديم. مراتى يا شيخ بتشرب لبن فى الشهر بميه وعشرين جنيه وأنا مواصلاتى للشغل بس بميه وعشرين جنيه. وعلى كده بقبض ميتين واربعين. على قد اللبن والمواصلات هههههه وآخرة ده كله يا شيخ مش عايزين يدونى أجازه، أصل سعيد –مديرى فى الشغل- عارف عيلتى وعارف ان ابن عمتى مسافر ليبيا أول الشهر وهيسسيبلى التاكسى بتاعه. كل شويه ينطلى ويقولى عيب تشتغل على تاكسى، الوضع الاجتماعى، القرد المادى، يا أخى ... أم الوضع الاجتماعى. لا مؤاخذه يا شيخ. بس تفتكر هو ليه مش عايزنى أشتغل على التاكسى؟ عشان الوضع الاجتماعى صحيح؟ أقولك أنا.. عشان هوه ماعندوش حد يسيبله تاكسى. مش عايزنى أقبض أكتر منه. بس على مين. والله لو ما وافق على الأجازه لانقطع عن العمل. ويبقى يلف بقى الوضع الاجتماعى ويـ... ولا بلاش.
رن محموله فأخذه وخرج من المقهى. قمت بلا إرادية وتلفتُ حولى كأنما أتأكد من واقعية المكان أو كأنى أستنجد بأحد أو أُشهد أحدًا أن هناك رجلين جلسا معى منذ قليل. لم أجد أحدًا يهتم فشعرت بالخوف. جلست وقد نظرت إليهم ثانية. وجدت المقهى متوسط المساحة وبه حوالى ثمانى طاولات، كل واحدة بكرسيين قطيفة خضراء مقلمة بأسود أو بنى أو أحمر. لا أحد يجلس مع أحد على الرغم من أن كل الكراسى مشغولة بالزبائن. حالتهم غريبة فنصف الزبائن بالتمام والكمال يتحدث بلا انقطاع والنصف الآخر صامت. كل الذين يتكلمون كانوا مثل الرجل الذى يريد الإجازة، غير مهتمين بأن يسمعهم أحد.




بعد قليل قام واحد تاركًا الآخر يتكلم وجلس على مقعد تركه صاحبه للتو. جلس على المقعد وتكلم مع الرجل الذى كان صامتًا. يا نهار أبيض. الله يحرقك يا حسينى. قمت واضعًا يدى فى جيبى لأحاسب الجرسون على الشاى. سأنتظر مصطفى عند ناصية الشارع القريبة من شارع السودان. سمعت صوت امرأة من خلفى –حيث كنت جالسًا- تنادى الجرسون أن يحضر لها منفضة سجائر. كان صوتها غريبًا ولا أعرف وصفه لكنه نجح فى جذبى للجلوس ثانية. عبد اللطيف يقول لى إنى (حُرمجى) لو رآها لتأكد له. امرأة جميلة بحق. وبمنتهى الرقة طلبت زبادى بلعسل والفواكه فانفجرت بالضحك فقالت:
- أنا لى 3 صاحبات، بنشتغل سوا فى الشهر العقارى. اتجوزت انا الأول وهما قعدوا شويه. واحده جبتلها ابن عمى اللى بيشتغل فى التنميه الإداريه، وبعدها صاحبتى التانيه اتجوزت واحد تعليمه متوسط وخدت أجازه بدون مرتب وسافرت معاه الجزائر. البت شيماء بقى هيا اللى صعبت علينا أوى، بت جميله على فكره يا شيخ ومؤدبه، بس قعدت لغاية 34 سنه من غير جواز. المهم طالما ماليش قرايب قلت أما اعرفها على واحد صاحب جوزى. عزمتها عندى فى البيت عشان تقابله. هيا يا شيخ قعدت عندنا بتاع ربع ساعه والواد وهوه بيعدى الرصيف عشان يدخل العماره قوم أوتوبيس أخضر من الكبار دول هفه، طبعًا جوزى نزل جرى وهو بيصوت والبت أغمى عليها. رحت أجيب حاجه أفوقها ورجعت لقيت شيماء دى خلصانه خالص ومش عايزه تفوق. قول قعدت نص ساعه لغاية ما عرفت انها ماتت. السر الإلهى طلع. بيتهيألى يا شيخ انها ماتت م الزعل. آه، زعلت على حالها، حست إنها نحس أو الدنيا مديالها ضهرها. الله يجازى بقى اللى كان السبب، مش هيورد على جنة. صحيح يا شيخ.. هو لما ربنا يدخلها الجنة ان شاء الله هيجوزها لحد ولا هتفضل لوحدها برضه؟ أنا سمعت إنهم بيتجوزوا الرجاله اللى برضه ماتوا من غير ستات.
أحضر الرجل حذائى، كنت نادمًا على مجيئى هنا وشاعرًا أن الهواء انسحب من المقهى ومن صدرى. رأيتها مثل الشبح وهى تنسحب وتحاسب الرجل على الزبادى وتغادر المكان. الله يخرب بيتكم. من أين أتيتم؟ كان المقهى بالنسبة لى خرم إبرة. ثم جاءنى خاطر منطقى. سيخرج إبراهيم نصر الآن من وراء النصبه، من قميص بدوى الضخم الجالس خلف المارك. سيقول لى جملته الشهيرة: لو عايز تزيع قول زيع. انتظرت نصف دقيقة فلم يخرج. صرخت وأنا جالس:
- اخرج يا ابراهيم.
انتبه إلىّ الجالسون بدهشة فشعرت بقليل من الضيق لأن إبراهيم نصر سيخرج حالاً ويُضحك علىّ الجميع. وقفت عند باب المقهى ظهرى للشارع ووجهى للداخل:
- خلاص يا ابراهيم يا نصر كشفتها.
سمعت الحسينى من خلفى ضاحكًا وواضعًا كفه اليمنى على كتفى:
- يا عم كمال، هو انا كل ما اتأخر عليك ألاقيك بتصرخ، مش عيب؟
التفت إليه متوترًا ومتضايقًا:
- معلش يا مصطفى خش جوه وقول لابراهيم نصر يطلع عشان اتخنقت.
لم يتحرك الحسينى وأعتقد أنه عقدة الذنب تعاظمت داخله لأنه يتركنى فى انتظاره كثيرًا؛ فقال:
- معلش حصل خير.
- يا عم خش قول لابراهيم يطلع.
- انت بتعيط ليه؟
- يا عم ارحمنى، مبعيطش.
كانت دمعات بسيطة انحدرت دون وعى منى ولم أنتبه إليها.
- هما عملولك ايه؟
- مفيش حاجه.. وانا مبعيطش.
استوقف مصطفى الجرسون وقال له بخشونة وعدائية وهو يمسكه من طرف كمه:
- هوه ايه اللى حصل؟
قال الرجل بنفاد صبر وهو يضع مشروبًا أمام رجل يجلس بالقرب من الباب:
- ما تسأله.. عمّال يصرخ باينه عنده حاجه.
ثم التفت إلى ووضع كفه على كتفى كأنه ينصح:- بص يا شيخ من غير زعل... اللى مش قد القعاد على القهاوى مايقعدش





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


""انتظرونى فى تدوينتى القادمة فى 10 نوفمبر""

Wednesday, August 27, 2008

أعددت نفسى لمقال نقدى ثم اكتشفت أنى لا أعرف

أعددت نفسى لمقال نقدى
ثم

اكتشفت أنى لا أعرف

.........
فاكتفيت بـحبى للأشياء





مع أول كلمة قرأتها فى مدونة "عايزه أتجوز" أدركت معها أن ثمة معرفة ستدب بينى وبين
كاتبها أو كاتبتها. غادة عبد العال لم تكن قد أعلنت شخصيتها الحقيقة بعد. دار فى خلدى أن
ثمة شخص ما يستتر ليقول شيئًا ما عن نفسع أو عنى أو عنا. ولذا كنت حريصًا على ألا يدور بين وبين غادة –بعد أن تعارفنا- أى حوارات عن كواليس الكتابة إلا فيما ندر. عملت بنصيحة سقراط بألا أسأل الكاتب عما يقصد إذ ربما تفاجأنى غادة بأسباب للكتابة تمنعنى من التواصل ثانية مع كتاباتها



كان من مخططاتى كناشر أن أستحوذ على مدونتها وأحولها لكتاب، لكنى لم أتعلم من كتاب
قرأته وتعلقت به اسمه "ليس الكبير الذى يلتهم الصغير... السريع يلتهم البطئ" عندما أرسلت إليها فاجأتنى أنها وقعت عقدًا مع دار الشروق فاكتفيت باستئذان الصديق العزيز/
سيف سلماوى لنشر تدوينتها "الثانى" لأنشرها ضمن كتاب عندما أسمع كلمة مدونة أتحسس
مسدسى.. بعد ذلك ورغم نقمتى دعواتى المستمرة بالشر والحسد والحقد على سيف سلماوى إلا أن الكتاب يحقق كل يوم تقدمًا كبيرًا إلى أن استسلمت للأمر الواقع مؤمنًا من داخلى أن الكتاب الجيد مكسب للجميع وليس للدار التى نشرت فقط






ولذا لم أتفاجأ بتحقيق الكتاب لهذه المبيعات الكبيرة على العكس أراها مخيبة لبعض آمالى.
يعرف أصدقائى أن طموحى لا يقف عند حد وأننى مُصاب بالتفاؤل الخطِر.. كما أننى علقت
لها منذ أيام أننى مستغرب من تأخر الترجمة إلى وقتنا هذا، على العموم كل يأتى فى موعده





قابلت لأول مرة قبل صدور الكتاب لأحصل منها على أول لقاء مصور بحيث تكون لى

الأسبقية بتقديمها لعالم كنت أطمع فيه قبل أن تستحوذ عليه الشروق. وعندما رفض جهازى
العزيز استقبال تحميل الفيديو لم أكن الأول فتأخرت لوقتنا هذا. الشئ الذى لم أتأخر فيه هو
سعيى الحثيث لإعادة قراءة الكتاب ثم متابعة ما يُكتب عنه باستمرار. قلت لها مرة إنى أدخل
لمدونتها أكثر مما تفعل هى





عندما طرقت خطواتنا شوارع وسط البلد منذ شهرين تقريبًا تحدثنا عن التناول الإعلامى
الذى أراه سطحيًا –حتى الآن- لكتابها حيث التف معدون ومقدمو البرامج وصحفيون حول
الكتكوت الذى يرقص. لم يتحدث أحد عن كلمة مما فى داخل الكتاب. فى مناقشات الكتاب فى
مكتاب المنصورة والشروق، وفى برامج دريم والبيت بيتك والإيه آر تى وغيرها لم يسألها
أحد عن اللصوص والكذابين والقوادين والشكاكين وغيرهم ممن اكتلأت بهم صفحات
الكتاب. لم يسألها أحد عن رغبتها فى استخدام حقها الطبيعى أن تتزوج كما تريد لا كما يريد
المجتمع. توقفوا عند العنوان "عايزه أتجوز" وبالتالى فهيا بنا نتفرج على تلك البنت.

تقول غادة
أسئتهم محفوظة: ألم تخشى المجتمع وأنتِ كبنت تجاهرين بالزواج؟ ما موقف العائلة من
الكتاب؟ ما رأيك فى تحويل المدونات إلى كتب؟ ما رأيك فى من يهاجمونك لأن كتابك
بالعامية




ألتقى بغادة دائمًا وهى تأتى لغرض ما فى القاهرة. ألمحها بنتًا عادية بهرها الضوء وهيا
المحتمية خلف كونتر زجاجى فى الصيدلية بالمحلة الكبرى أو خلف شاشة الكومبيوتر.
نضحك سويًا لرغبة آخرين فى تحويل كتابها إلى مصنف مجموعة قصصية أو رواية، وهو
بالفعل ليس أكثر من مدونة نُشرت فى كتاب لأن جمهور الكتاب غير جمهور الإنترنت.عشر
نماذج بشرية عرضتها غادة فى كتابها عن عرسان تقدموا إليها.. فيهم يختلط الواقعى
بالمتخيل؛ مواقف حدثت لها وأخرى لأصدقاء لها. مواقف كل حقيقة وإن اختلفت نسبة الخيال
فى كل حدوتة أو مع كل عريس




فجأة يتحول الأمر لأرى روائيًا كبيرًا يرى أن الشروق قد اخطأت بنشر هذه الكتب لأنها
تكرس لـ(أدب المدونات) أو كاتبًا آخر يرى كتابها عديم النفع أو روائية أخرى ترى الكتابة
متوسطة وخالية من الإبداع وآخرين ينكرون الكتابة بالعامية. لم أكلف نفسى عناء التوقف
طويلاً لأننى لم أقرأ منهم حرفًا واحدًا عن الكتاب. الذين قرأوا الكتاب هم الناس العاديين.
بنات أحسسن أن غادة تحدثت بلسانهن. تُرى كيف كانت وجوههم عندما قرأن مثلاً فصلها
عن بنت الثلاثين الوحية بلا زوج. كم واحدة تعاطفت معها ليغير المجتمع كلمة عانس. كم
واحدة شعرت أن غادة تتحدث عن عريس بشع تقدم إليها هى لا لغادة. كم شاب شعر بالتوتر
والخجل عندما عرضت غادة لعشر نماذج قابلتها فعلاً فلم يجد غير كذاب أو منافق أو قواد أو
شكاك



فى الولايت المتحدة على سبيل المثال نجد كتبًا تحقق مبيعات خيالية لأناس غير محترفى
الكتابة (مثل غادة عبد العال) يحكون قصصهم عن مواجهة الإيدز أو السرطان أو الفقر.
يحكون عن أيامهم العادية، شديدة العادية.. يحون عن الحب والقهر والمال
فى مصر لا نزال نعانى من ربط المبيعات بالقيمة الفكرية المتمثلة فى كتب لابد وأن يكتبها
كتاب كباااااار. كأن القيمة تأتى بعد الأربعين أو الخمسين
عندما قابلتها آخر مرة، وبعد أن انتهت من مشروبها سألتها عن الحزن الخفيف
الذى يعتريها. راوغت. عندما انصرفنا فكرت أن كل هذا لا يعنيها فالأزمة الحقيقية لم تُحل
بعد. كذلك هى تصطدم بالناس لأول مرة: بجمهور، وإعلام وحاقدين وأغبياء
وانتهازيين..إلخ



مؤلفة كتاب عايزة أتجوز وحيدة لا تزال. وأنا كناشر –غير رحيم- أفكر أنها ولابد وأن تبقى وحيدة لتكتب لنا عن نفسها وعن جيلها.كتبت فى مدونتها أنها تمثل 15 مليون بنت وحيدة، أعرف هذا ولا زلت أرى فيها وجهًا آخر للعملة. أن تحول خبرتها إلى حيز الفعل وألا تلفت لإعلامى يستغلها بعين الكبت وإنما بعين المجيب الفاعل عن السؤال: كيف أستفيد من وجودى على الهواء مباشرة للتغير من أشياء ولو بسيطة داخلنا

داخل الكتاب نفسه تشير غادة إلى أكثر من وقف يسترعى الانتباه تعليقًا على رجال الحزب الوطنى، كأنى بها أراها تحمل أصحاب الحكم والمسئولية عن جيلها عما حدث لها ولهن ولنا كذلك. اللصوص فى أثواب أنيقة وفى زعمى أن غادة إذ استمرت ككاتبة –ولابد لها أن تستمر ستتحول إلى قائد لجيلها من البنات والكاتبات كذلك اللاتى يحركن الساكن- قائدة ربما تمشى وسط الناس ولا تسعى للصراخ: أنا غادة. سيثير هذا غيرة أخرايت وآخرين. ستستمر (يا رب) لأنى لم أرها منافقة. أسأل نفسى دائمًا عن كتابها القدم. تبتسم وتقول: ادعيلى




غادة التى لم تحترف الكتابة والتى لم تتخيل أبدًا أنها ستكون كاتبة لها أسلوب مميز وموهبة
حقيقية –وأعتذر عن أسلوبى هنا فلست بالتأكيد رجاء القاش يقدم موهبة شابة- هذه الغادة
كتبت كتابًا هو فاجعة فى ثوب أنيق يقطر سخرية. عرسان يأتون على هيئة تويتى وأعضاء
أمانة سياسات وقادمين من الرياض –التى ليست عاصمة السعودية-.
الموضوع ليس مجرد عايزه أتجوز، وإنما كتاب يفضحنا على الملأ حكومة وأفرادًا ومؤسسات


أشعر بشئ يتسلل داخلى لأن غادة لحظة كتابة هذه السطور ربما تكون جالسة فى استدوديو مكيف وبارد، أمامها مذيعة لامعة منشغلة بتظبيط المكياج ورسم الابتسام. أراها من هنا وهى تنظر سريعًا فى الورقة التى أعطاها المعد إياها وبها الأسئلة المحفوظة. غادة تجلس تكتم توترها. يبدأ التسجيل فتسألها: غادة مخفتيش من المجتمع هيقول عليكى إيه لما بنت من الصعيد تقول عايزه أتجوز؟ ترد غادة: أنا من المحلة مش من الصعيد. تبهت المذيعة وتقول بعفوية: إزاى ده المعد قاللى انك م الصعيد. يصرخ المخرج ضاحكًا وقاطعًا التسجيل: معد إيه يا مدام؟ إحنا هنقول للناس إن فى معدين؟ تضحك وتحك غادة جبهتها. تعيد التسجيل وألمحها ودموعها تترقرق ولا تنزل كأنها انحدرت داخلها. تسأل نفسها: أنا إيه اللى جابنى هنا؟ تتنحنح وترد فى الواقع بالاستوديو: لا لا لا بابا بيشجعنى للكتابة. بعد التسجيل أتصل لأطمئن عليها. وأجد نفسى أنهى المكالمة وأقول: ولا يهمك يا غادة، بكره هنضحك على الأيام دى، سنصبح يومًا ما نريد. تضحك غادة جدًا وتعلق على ما قلت بإننى متفائل بالفعل بينما أعترف لنفسى أن كتاب غادة من أجمل ما قرأت. خللى بالك من نفسك


Wednesday, June 04, 2008

سامى سليمان وجائزة مؤسسة عبد الحميد شومان



مؤسسة عبدالحميد شومان




توصلت لجنة التحكيم العلمية لجائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب الشبان لدورة العام ألفين وسبعة والتي عقدت اجتماعاتها في عمان بتاريخ 15/4/2008 إلى اختيار الفائزين بهذه الجائزة وذلك بعد أن استعرضت اللجنة، التي يرأسها دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران رئيس الهيئة العلمية للجائزة، الإنتاج العلمي للمرشحين لهذه الجوائز والذين بلغ عددهم مائة وثمانية مرشحين من الجامعات والمؤسسات العلمية العربية

وتقدم جائزة عبدالحميد شومان فى مجالات


العلوم الطبية – العلوم الهندسية – الفيزياء والجيولوجيا – الرياضيات وتكنولوجيا المعلومات – العلوم الاقتصادية والإدارية – العلوم الإنسانية



وقد قررت لجنة التحكيم العلمية للجائزة منح جائزة العلوم الإنسانية لدورة العام (2007) على الوجه التالي




جائزة العلوم الإنسانية

تمنح الجائزة للدكتور سامي سليمان أحمد محمد، مصري الجنسية، الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة في مصر. نظراً لأصالة موضوعاته المنشورة في مجلات محكمة ومعروفة، ووعيه الكبير بمناهج النقد العربي الحديث. ودراساته التي تمتاز بالعمق والاهتمام بالجانب التطبيقي




ــــــــــــــــــــ




ولكن دكتور سامى لا يسعه هذا التعريف القصير وفى السطور التالية أستطيع أن أقدم بعضًا منه




فالأستاذ الدكتور سامى سليمان درس بجامعة "بامبرج" بألمانيا (1995-1989) ، كما درَّس بها (1996-1998)، وعمل أستاذا زائرا بجامعة أوساكا للدراسات الأجنبية باليابان(2004- 2006).وشارك في عدد كبير من المؤتمرات العلمية بمصر واليابان وتونس ،


ونشر مقالات في عدد من الدوريات العلمية منها "فصول" و"مجلة كلية الآداب _ جامعة


القاهرة" و"الفكر العربي" و"أوراق فلسفية" و"علوم اللغة" وغيرها


عضو لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة




وله كذلك اثنا عشر كتابًا




ففى عام ألفين واثنين صدر له




الخطاب النقدي والأيديولوجيا : دراسة للنقد المسرحي عند نقاد الاتجاه الاجتماعي في مصر فى الفترة من عام ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين إلى عام سبعة وستين



كتابة السيرة النبوية عند رفاعة الطهطاوي : دراسة في التشكيل السردي والدلالة ، وصدر



مدخل إلى دراسة النص الأدبي المعاصر




وفى عام ألفين وثلاثة صدر له



خطاب التجديد النقدي عند أحمد ضيف
البداية المجهولة لتجديد الدرس النحوي في العصر الحديث



وفى ألفين وأربعة صدر له
الذات وحلم تغيير الواقع : قراءة في قصيدة "الجامعة" لمحمد سليمان



وفى ألفين وخمسة صدر له



ببليوجرافيا كتابات محمد مندور





وفى ألفين وستة صدر له
حفريات نقدية: دراسات في نقد النقد العربي المعاصر
شوقي على المسرح ، تأليف إدوار حنين ، تحقيق ودراسة
المروءة والوفاء ، مسرحية شعرية تأليف خليل اليازجي ، تحقيق ودراسة



وفى ألفين وثمانية صدر له



آفاق الخطاب النقدي : دراسات في نقد النقد المسرحي العربي عن مكتبة الأنجلو
أنا الغريق ، رواية أحمد ضيف ، تحرير وتقديم ودراسة ، المجلس الأعلى للثقافة



كما شارك بكتابة فصول ضمن كتب مع آخرين فقد شارك بكتاباته


حديث الأربعاء ومنهج دراسة الأدب عند طه حسين ، ضمن كتاب مناهج دراسة الأدب العربي ، كلية الآداب، جامعة القاهرة، ألفين وسبعة



علامية المكان الشعري وتجسيد هوية المصير الجمعي ، ضمن كتاب الأدب وأسئلة الواقع المعاصر ، الهيئة العامة لقصور الثقافة، ألفين وسبعة



درس الأدب بالجامعة وبلورة المنظور التاريخي في قراءة الشعر ، ضمن كتاب الثقافة والجامعة في مائة عام ، الهيئة العامة لقصور الثقافة، ألفين وثمانية



قاموس الأدب العربي الحديث ، دار الشروق ، القاهرة ، ألفين وثمانية



تقنيات كتابة الرواية التاريخية عند جرجي زيدان ، ضمن كتاب الرواية التاريخية، المجلس الأعلى للثقافة ، ألفين وثمانية



المشروعات العلمية التي شارك فيها



مشروع "معجم أسماء العرب"(1989 – 1990



مشروع دليل الجامعة الأمريكية بالقاهرة لعمل "دليل الأدب العربي الحديث"(2006) حيث كتب عشرة من المداخل الخاصة بالكتاب والنقاد والنصوص، كما قام بمراجعة عة من المداخل الخاصة بعدد من الكُتّاب



مشروع جامعة أوساكا باليابان لعمل امتحان دولي لقياس مهارات دارسي العربية من غير الناطقين بها



ودكتور سامى سليمان عضو بأكثر من جمعية علمية هى: الجمعية اليابانية لدراسات الشرق الأوسط، الجمعية المصرية للأدب المقارن، الجمعية المصرية للنقد الأدبي



الجوائز وشهادات التقدير التي حصل عليها

جوائز طه حسين وشوقي ضيف وجيهان السادات لحصوله على المركز الأول بين طلاب درجة الليسانس بقسم اللغة العربية ، أكتوبر خمسة وثمانين



جائزة عبد المحسن طه بدر عن أفضل رسالة في الأدب العربي الحديث ، إبريل عامى خمسة وتسعين وعام ألفين

شهادة تقدير من جامعة القاهرة ، في عيد العلم في ديسمبر 2000 لحصوله على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة



شهادة تقدير من الهيئة الألمانية للتبادل العلمي ، في فبراير 2002 ، وذلك لإشرافه على دورات تعليم الطلاب الألمان بمركز اللغة العربية بجامعة القاهرة


جائزة جامعة القاهرة التشجيعية للبحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية في يونيه ألفين وستة



جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب الشبان في مجال العلوم الإنسانية في مايو ألفين وثمانية



Saturday, May 24, 2008

إصدار عندما أسمع كلمة مدونة

ليلة سعيدة
أو
إصدار عندما أسمع كلمة مدونة




محمد كمال حسن ومصطفى الحسينى
وأول صورة مع الكتاب


عمرو عبد العزيز الفنان الجامد اللى عمل الغلاف الرااااائع
الشاعر والتوأم والصديق العتييييد
ومن تبقى من مجمرة الكلية
الأسطورة
عبد اللطيف أحمد
نهى محمود
مش عارف الحفل كان هيبقى ازاى لو مكنتيش معانا
كنتى أحلى حاجه حصلت فى الليلة دى
صباح الفل

الكاتب والصديق الرااائع


محمد فتحى
اللى كان بيتصل بينا باستمرار عشان يتطمن على الكتاب
كان بيتابعه أكتر ما بيتابع كتبه


غــادة عــبد الــعال

وفى رواية أخرى

برايد

لأ
ده فان دار سار
مالكومش دعوه بيه


شكرًا لكل الناس اللى حضرت

ألف شكر

ألف شكر

ألف شكر

ألف شكر




ضيوف الشرف


أحمد الصباغ

أحمد مهنا

أحمد البوهى

أصحاب مشروع مدونات مصرية للجيب

حقيقى شرفتونا

((:



كمال والحسينى

مع مفاجأة الليلة وكل ليلة

نهى محمود أهدت لجامعى الكتاب قلمين للتوقيع

ودى صورتنا مع القلمين للذكرى

إحنا نوقع

وهو يرقص

ربنا يخليكى يا نونا




دكتورة/ فــاطــمــة الــبودى

صاحبة دار العين للنشر

والمفاجأة الجامدة

ســمــراء الــنــيــل

اللى كانت عماله تشخط فيا عشان تايهه ومش عارفه توصل

الله يخرب بيتك يا حنفى





والمانشيستر


يعنى المان يونايتيد


يعنى الأحمر واللى بيحب الأحمر


يعنى بطولة أوروبا


ورقصنى يا جدع



طبعًا منعتهم ظروفهم من الحضور


بس ملحوقه



وسمعنى سلام

والله وعملوها الرجاله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بجد ليلة سعيدة

وشكرًا لكل واحد جه عشان يحتفل معانا

وعشان يسعدنا