Tuesday, December 23, 2008

أبناء مصر

أبـنـاء مـصـر
بعد أن تزوج شريف مصطفى –أقدم أصدقائى- (ربما سأحكى عنه فى كتاب منفصل!) وأنا أزعج زوجته جدًا لأنها تضطر إلى البقاء ساهرة لزوم الشاى والكاكاو والفراخ لنستمتع لأقصى درجة بالبلاى ستيشن.
وبعد أن تزوج الحسينى وهو لا يبيت خارج بيته إلا فى بيت عائلته أو عائلة زوجته! نموذج للزوج المستقيم. أقصى ما نحلم به أن يزور أحدنا الآخر فى بيته ويرحل بعد منتصف الليل. فى تلك الزيارات نقضى الوقت فى مناقشة الأمور الأدبية والأحلام الكتابية التى تحتاج إلى أعمار وأقلام لكتابتها.
ومن المعروف أن الزيارات تكون أكثر للأشخاص ذوى الاهتمامات المشتركة؛ ولذلك فإنكم غالبًا ما تجدوننى فى شقة شريف!! أيوه شريف، مستغربين ليه؟ بنقعد نلعب بلاى ستيشن للساعه تمانيه الصبح. مشكلتى الأساسيه إنه مزعج جدًا.. شريف مش البلاى ستيشن. بيقعد ينادى على اللاعيبه طول ما هو قاعد. فجأه تلاقى شيفشينكو بيجرى بالكوره وشريف معجب بيه أوى وبيقول:
- شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو شيفشينكو....
وهكذا مع دروجبا وكريستيانو رونالدو ولامبارد ورونالدينيو، ده غير إن كل ما ينفذ لعبه حلوه يفضل يعيد فيها ومن جميع الزوايا، ويفضل يضحك ويقلد عصام الشوالى.
وعندما أعلق على تفصيلة فى اللعب أجده يقول بابتسامته الودودة وبهدوء:
- على فكره يا كيمو.. إنت فى بيتى

طردتنى زوجة البواب برفق بعد نداء متكرر على الشيخ شريف فى عز الليل. قالت:
- معلش يا شيخ.. الناس نايمه والشيخ شريف مش هنا
انفعلت وعلى رأى الحسينى هجت ومجت وازاى شريف يدينى معاد ويمشى، صرخت به فى المحمول:
- إيه يا حيلتها.. إنت فين؟
- عند حمايا
- حماك؟ مش المفروض فى معاد؟؟
قاللى النهارده إيه؟ قلت النهارده السبت. من خجلى تهت ودبت. ما لقيتش عندى رد. معادنا كان الحد. وبعد أن كنت فى وسط موجة غضب وبعد أن رمالى نجمه وطوق، قال:
- اتلقح يا حيلتها فى أى حته وهاجيلك بعد نص ساعه إن شاء الله
سألت زوجة البواب:
- فى هنا قهوه قريبه؟
تدخل عابر سمعنى:
- على الناصيه هاتلاقى قهوة أبناء مصر
وأنا على أبناء مصر أتأملها بطاولاتها المربعة البيضاء المملة، وجدت الحسينى يتصل بى:
- أيا كمال.. عندى خبر وحش
- خير
- ديوان الشعر بتاعنا اللى فى المطبعه "وِلِع".. أنا هروح بعد ربع ساعه وأشوف إيه اللى ممكن يتعمل
أنهينا المكالمة واستعوضت ربنا فى الأربع تلاف جنيه خصوصًا وأنى أعلم أن طيبة وأخلاق الحسينى ستجبره على مسامحة صاحب المطبعة على هذه الوليعه التى أصابتنا. كثيرًا ما يشعرنى الحسينى أنى وغد لئيم. كانت رأسى بين يدى زى اللى روح مالاقش بيتهم. أما القهوه فكانت تشغل أغنية أديك تقول ما خدتش لأحمد عدوية. أتى القهوجى واضعًا أمامى ينسون لم أطلبه، وقال:
- خطوه عزيزه يا سعادة الباشا
إحساس مهم إن القعده دى مش هتكمل على خير والرجل يقول:
- متقلقش الشيخ شريف زمانه جاى
- وانت عرفت منين إنى مستيه؟
- ودى محتاجه مفهوميه.. كل دول مستنينه
معلوماتى الأخيرة عن شريف أنه لم يصل بعد إلى مرحلة الإفتاء وأن يكون له مريدون. كل دوووول يا شريف. ثم مستحيل يكون مواعدهم لأنه على موعد معى للبلاى ستيشن. قال:
- هو حضرتك هتبيع ولا لسه هتفك؟
- أفندم؟
لم يجد ليه الوقت ليوضح إذ انصرف ليلبى طلبات زبائن أخرى. اقترب منى أخ فاضل وجلس إلى جوارى وقال فورًا:
- قول لا إله إلا الله
- لا إله إلا الله
- عندى حد يخلصلك مصلحتك، وزيه زى الشيخ شريف وهيطلع برضه خمسه فى المايه عشان ربنا يبارك
- لا أنا الحقيقه مستنى الشيخ شريف عشان عايزه فى مسأله شخصيه
- شفت يا شيخ.. هما الشيوخ كده.. مايشتغلوش غير مع شيوخ زيهم.. بقى أنا مآمنلك وانت مخونى.. بكلمك بصريح العُباره من غير ما أسأل عنك ويمكن تكون مباحث ومع ذلك داخل معاك بعشم
- مباحث؟
أتى القهوجى الذى قال إن اسمه إبراهيم:
- ها يا بيه.. لسه مقلق؟
- لا يا جماعه.. واضح إن فيه سوء تفاهم
- يا بيه مافيش سوء تفاهم.. أنا قاريك.. إنت مقلق. قول بس.. فرعونى ولا رومانى ولا قبطى ولا إسلامى؟
بدأت أفهم فصرخت بشويش:
- إنتوا فاكرينى تاجر آثار؟
- لا يا باشا.. الوشوش بتبان ولو كنت تاجر مكنتش جيت لشيخ شريف. أصل الشيخ بيفك الرَصَد ويطلع الِلقيا بس. إحنا عايزين نجيب لقمة عيش لجماعه حبايبنا برضه. أصل من ساعة شيخ شريف ما اشتغل ومفيش حد بياكل جمبه.. هيا الأرزاق بتاعة ربنا صحيح بس الرحمه حلوه برضك
- من إمتى وهو بيشتغل؟
- مش من كتير. من ساعة ما اتجوز. بس ربك والحق نضيف ف شغله وبيطلع الخمسه فى المايه قبل ما حد يمد إيده
_ خمسه فى المايه؟
- آه ده حق ربنا. إوعى تبخل.. طلع خمسه فى المايه بتاعة اللقيا عشان ربنا يباركلك
انزويت قليلاً فانصرفا عنى وقد فهما أننى أفكر.. كنت فى الحقيقة مصعوقًا مما أسمع خصوصًا وأنى منذ أن انتقل إلى أكتوبر وأنا أرى شريف بصعوبة شديدة.. معقوله يا شريف؟ معقوله بتاجر فى الآثار؟ ليه كده بس؟ هيا ناقصاك انت راخر.. وجدت الحسينى يتصل فتحضرت لمصيبة جديدة.
- أيا يا كمال.. الكتاب ما ولعش الحمد لله
- الحمد لله.. أمال إيه اللى حصل؟
- المتن سليم والزنكات.. بس ورق الغلاف هو اللى ولع
- الحمد لله إنها جات على قد كده
- الحمد لله، بس أنا بتصل عشان حاجه تانيه
- خير
- الأربع كتب اللى كانوا فى المطبعه ومستنيين النقل
- مالهم؟
- فاكر الواد حسام اللى شغال معاهم فى المطبعه؟
- آه
- اتخانق مع اسطى عطا ونقل 8 كتب، منهم الأربعه بتوعنا
- نقلهم فين؟
- محدش يعرف.. وساب البيت وابوه مايعرفش راح فين
- إيه التهريج ده؟ حفل التوقيع التلات الجاى
- معرفش بقى والمطبعه بيقولوا إن دى مش أول مره.. ومحدش عارف ياخد مع أبوه لا حق ولا باطل.. بيقولوا الواد مغلبه
- وبعدين؟
- معرفش.. اهدى كده وفكر فى حل لغاية بكره الضهر
اقترب منى زميل فاضل من الطاولة المجاورة:
- جاى تتطلع ولا تبيع؟
ربكم والحق، قلت أتسلى:
- لا ده ولا ده.. أصل عندى 8 حتت واد مقلبهم وهربان بيهم، منهم أربع حتت يخصونى
- يا خبر.. 8 حتت مره واحده
- نصيب بقى.. الواد اتخانق مع الشيخ بتاعه وهرب بيهم.. المشكله إن الناس مستيه الأربع حتت دول يوم التلات الجاى
- هو انت جاى لشيخ شريف؟
- آه.. قلت يمكن يلاقيلى حل
- بس الشيخ شريف مالوش دعوه بالحاجات دى، ده بيطلع وبس
- هسأله وهو يقرر
جاء زميل فاضل آخر، ابتسم وسأل عن الحكايه، وبعد لحظات وجدت أربعة زملاء أفاضل حولى يتناقشون فى كيفية إعادة الحتت
- هما فرعونى ولا إسلامى؟
- اتنين سرد وواحد تفعيله واحد نثر
- نعم؟؟؟؟
- لا لا ماتخدوش فى بالكم.. هما أربعه وخلاص
تدخل زميل خامس كان معدى وقال يشارك:
- أنا عندى حل
صرخت:
- الحقنى
هز رأسه وقال بحسم وجدية:
- إعمل زى الحكومه
- إزاى؟
قال قاطعًا الشورت فى البسين:
- مش لما الحكومه بتعوز تقبض على واد هربان بيمسكوا حد من أهله عشان يسلم نفسه؟
- آه (كل الناس اللى قاعدين)
- إنت كمان إعمل كده، هتصلك باتنين عتاوله دلوقت.. مش هقولهم رايحين لإيه عشان ميطمعوش.. هتدى لكل واحد بتاع متين جنيه يخطفولك أبوه ولا أخوه.. هاتلاقى الواد هو اللى بيدور عليك
قلبتها فى دماغى مفكرًا فى عناوين المصرى اليوم وأخبار الأدب والبديل وبرامج دريم والمحور والجزيرة
"القبض على روائى بتهمة البلطجة"
"خلاص البلد باظت.. كاتب مغمور يحبس عجوزًا ويجبره على خلع ملابـ..." لا لا مش الخبر ده
"هى دى مصر يا عبلة"
- ها يا شيخ.. قلت إيه؟
انتزعنى صراخ الزملاء الأفاضل من الحملة الصحفية لأقول متوترًا وقد غلبتنى الفكرة خوفًا من فضيحتنا الثلاثاء القادم..
- بس مش عايز شوشره
- مين هيشوشر يا عم الشيخ؟ إنت عايز تحبسنا؟ دى آثار
قال كلمة "آثار" هذه بلهجة مرتفعة فأفزعنى فقلت بسرعة:
- خلاص خلاص.. اتصل بالناس
اتصل أمامى بواحد اسمه كارينجا وأمنه أن يحضر خبؤه (هو أنا سمعت فين الاسم ده قبل كده) ويقابلونى بعد ساعة أمام البرج الأولانى من أبراج ساويرس من ناحية التحرير. اتصلت بالحسينى وقلت له أن ينتظرنى فى نفس المكان.. ثم اتصلت بصاحب المطبعة ناصحًا له لآآآآآآخر مرة قبل أن أقوم بعمليتى الوقائية للحرب على الإرهاب ومؤكدًا عليه أن يفعل أقصى ما بوسعه لدى والد حسام لإعادة الأمانة.
لحظات وأكد علىّ الجميع بضرورة الهدوء لأن الحاجات دى عايزه الراجل الراسى خصوصًا وإن الحكومه مفتحه عنيها على اللى زينا.. كمان دول ناس ميعرفوش ربنا (قصده على الحكومه) ليه بقى يا زميل؟
- إزاى يحرموا بيع الآثار؟ واحد ولقى حاجه تحت بيته، هما مال أبوهم؟ كمان لو عملت وطنى وبلغت بيصادروا أرضك وبيتك.. مين بقى هيبلغ؟ كمان لا مكافأه ولا حتى 10 فى المايه.. يعنى لو لقيت شنطة فلوس أحسلى من شنطة آثار.. ثم أنا سألت شيوخ كتير وقالولى حلال حلال حلال.. كمان دى تماثيل قديمه مش هيعملوا بيها حاجه وهيرموها فى المخازن
أمن إبراهيم القهوجى على كلامه وهو يقول لى:
- ما هى حكومتنا لو جامده وبتفكر مكانش حد عمل كده.. مصر عامله زى الخليج.. الخليج عايم على بترول وإحنا عايمين على آثار.. بالك يا شيخ.. لو عندنا ناس صح كنا فطرنا واتغدينا واتعشينا دهب.. بس تعمل إيه بقى..
وجدت محمولى يرن:
- أيوه يا كيمو.. أنا وصلت البيت وشغلت البلاى ستيشن
- ماشى يا شيخ.. إنت ليه مقلتش إنك بتشتغل فى الآثار؟
- إيه يا كيمو.. إنت سكرت ولا إيه نظامك؟
- متنكرش كل الناس بتكلمنى عنك وشاورولى كمان على بيتك.. يا حبيبى كل الناس عارفه بيتك حتى بتوع مكافحة سرقة الآثار
- هو انت فين؟
- مالكش دعوه.. إنت مخبى عليا عشان مبلغش عليك.. طب إيه رأيك بقى إنى هبلغ (انفض الزملاء الأفاضل من حولى) عشان تتربى
- يا ابنى إهدى أنا مش فاهم منك حاجه
- بقولك إيه أنا مش فاضيلك دلوقت، عندى معاد عند برجين ساويرس وبعدها هرجعلك
- برجين ساويرس؟
- آه مستنينى كارينجا وخبؤه، ومش هينفع أتأخر
ثم أنهيت المكالمة دون انتظار رد فوجدت اتصالاً آخر من صاحب المطبعة:
- ينصر دينك يا أستاذ محمد
- خير
- قلت لأبو حسام على اللى انت ناويه وهيجيب الكتب بعد نص ساعه
من منكم شاهد فيلم ذا روك عندما تلقى الضباط فى حجرة العمليات إن نيكولاس كيدج نجح فى رفع الإشارات الضوئية الخضراء مما يعنى نجاح العملية سلميًا دون داعى لتفجير الجزيرة وقتل الرهائن؟؟ هكذا فعل الزملاء الأفاضل.. قفزوا من حولى ابتهاجًا بعودة الحتت بتاعتى.. وسارع الزميل بالاتصال بكارينجا:
- ارجع ارجع، الناس جابت الأمانه

بينما وزع إبراهيم مشاريب على حساب الشيخ شريف لأن 8 حتت يساوو الشئ الجامد، والحاجات دى رجعت عشان شكلى واد مش وش بهدله.. بعد قليل دخل شاب عظيم البطن وصغير السن وصرخ أحد الزملاء:
- ابسط يا عم.. أهو الشيخ شريف وصل أهو
أمسكت بالقهوجى:
- هو ده؟
- آه.. أمال انت فاكر مين؟
بوست القهوجى من بقه وأنا اتصل بحبيبى الرايق:
- أيوه يا شريف.. إنت طلعت برئ
- ربنا يعوض عليا فى عقلك يا بنتى.. تعالى وانجزى يا سوسن بدل ما انزل أولع فيكى
جريت من القهوه قبل ما يعرفوا الحقيقه ويكتشف الشيخ شريف إنه لبس فى خمسين جنيه بالميت حساب أفراح القهوة بعودة كتبى سالمة إلى المطبعه..

كان صراخى وشريف أمام دروجبا وشيفشينكو عاليًا فلم أسمع رنة محمولى إلا بعد ساعتين ونحن نعد الشاى.
- أيا كمال.. إنت فين؟
- أنا عند شريف
- شرييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييف؟؟
فهمت الأمر كله دفعة واحدة:
- يا نهارك أبيض.. إنت عند برجين ساويرس؟
- بقالى 3 ساعات
- معلش حقك عليا.. أنا آسف جدًا لما أشوفك هشرحلك
- لا تشرحلى ولا أشرحلك.. والكتب اللى عند حسام ابقى هاتها انت.. عشان لما تلطعنى 3 ساعات فى البرد ده يبقى عند حق

Saturday, December 13, 2008

أشياء لا تخص أحدًا بعينه

أشياء لا تخص أحدًا بعينه
قصة قصيرة
محمد كمال حسن
ــــــ
عارفة أننا تخرجنا منذ شهور وأنك لم تشتغل بعد وأن الـ... آه، هذا الكلام الذى يبدأ بـ(عارفة) ثم ينتصف بـ(لكن) ثم ينتهي بـ(أقترح)، وهو ليس اقتراحًا وإنما أمر واجب النفاذ؛ لأنه ماما متضايقة جدًا من وضعنا وأخي يتخانق معى كلما نزلت. عنده حق وماما عندها حق، أنا كبرت.. كبرت فعلاً. زوى ما بين حاجبيه ينتظر الكلمة التالية. بالمناسبة، بالأمس جاءنى عريس ورفضته طبعًا، لم أقل لك من قبل هذا حتى لا أضايقك. مشكلتك أنك صدقتِ ما قلته لكِ. كانت تجلس إلى حافة مقعدها وتتكلم بحماس وتقدم رأسها نحوه ممسكة بطرف المنضدة بيدها الاثنتين. وهو كان ينظر إلى البخار الذى يتصاعد من فمها أثناء الكلام ويبدو مستغرقًا فيه. ماما خائفة علىّّ، تصور بنت خالى لم تتزوج حتى الآن، تصور 31 سنة من غير زواج ولى جارة 27 سنة وصديقة 29، هناك كثيرات طبعًا ولكن. صمتت لحظة لتلتقط نفسًا ثم تابعت بحماس: أنا عندى21 وقدامى وقت طبعًا، لكن ماماااا.. أنت عارف، أما أنا لو علىّ فـ. الميدالية كانت فى يدى الآن أين ذهبت، وقعت تحت الكرسى. متى وقعت وكيف لم أشعر بها. الميدالية غالية علىّ جدًا، هدية من صديقة قديمة. أخى لا يكرهك ولكنه طبعًا لن يقبل بـ... كانت صديقة فعلاً وكنا نتكلم بالساعات فى التليفون، صحيح كانت بنت لا مؤاخذة لكن كانت جدعة، يخرب عقلك دمك شربات. بنت خالى راسها وألف سيف تتزوج عن حب وهذا ما أخرها إلى الآن. ياااااه كل ما أفكر..31 سنة.. كثير فعلاً.


ياليت كنت أقدر أكلمك، لولا غيرتِ الرقم يا بنت الإيه. غيرت الرقم وقالت له إنها ستتزوج بعد شهر، وضعت أصبعها تحت إبطه تداعبه وتكمل: أنت عارف الإحراج، ثم ضحكا.المشكلة ليست أن تأتى البيت لتخطبنى، المشكلة فى، فى، فى،....، هل أنت جاد فعلاً. حاول أن يتخذ أفضل الأوضاع فى جلسته غير المريحة وهز رأسه أمامها متفهمًا مشكلتها. كانت لديه عادة لم تكتشفها إلا صديقة قديمة، كان يردد آخر كلمة يقولها الجالس أمامه ويقول: ممكن توضح؛ فيسترسل الآخر فى الكلام بينما هو يحملق فيه مبديًا التفهم والانغماس فى حين يفكر ويرتب أشياء أخرى، ثم يقول الشخص الجالس شادًا على يديه بعد انتهاء الحوار إنه أفضل مستمع رآه فى حياته. الناس فى بلدنا تتكلم أكثر ما تسمع


ابتسم على الرغم منه عندما تذكر صديقته وهى تحذره بعنف أن يفعل معها هذا. لماذا تبتسم، أخى فعلاً رجل البيت، بابا لم يمت ولكنه منفصل عن ماما من زمان. عارف، هو أيضًا يحب. دخل المكان شاب فرآه، كان صديقًا قديمًا يراه دائمًا بالمصادفة وعلى فترات متباعدة، سلام حميمى وسؤال حميمى وعابر وغرضه الوفاء بحق المقابلة العارضة، أحوال و أخبار وسلام و أشوفك بخير. الكرسى غير مريح بالمرة. عارف طبعًا أنى أعرفك من وقت قريب، لكن والله العظيم والله العظيم والله العظيم أتعامل معك كما لم أتعامل مع شخص فى حياتى لدرجة إنى أحكى لك كل خصوصياتى، خصوصياتى كبنت، عارف.... هذه المرة الدورة تأخرت. تأخرت؟ ممكن توضحى. الدورة لما تتأخر إما حمل أو حالة نفسية، يعنى أنا فى حالة نفسية سيئة بسبب موضوعنا وماما و... نظر فجأة باستغراب حوله ثم رفع كفه أمام عينيه يقبضها ويبسطها أكثر من مرة، ثم فرك عينيه محاولاً أن يعتصر ذاكرته، متى، كيف، أين، مالك؟ تململ فى مقعده كثيرًا وهرش رأسه بحيرة وظل وقتًا كأنه يريد أن يسألها سؤالاً ثم يعود فيحجم إلى أن قال أخيرًا: من أنت؟
.